الحكم الصادر بعدم دستورية المادة الأولى من قرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005 في شأن تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1982 بالدعوي رقم 35 لسنة 29 دستورية من المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية تم الحكم بتاريخ 2025/08/04

الدعوى 35 لسنة 29 – دستورية – المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية تم الحكم بتاريخ 2025/08/04
عرض الحكم:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني مــــن أغسطس سنة 2025م،
الموافق الثامن من صفر سنة 1447هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي وصلاح محمد الرويني ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 35 لسنة 29 قضائية دستورية
المقامة من
شركة إيه كي ستيل
ضد
1- رئيس الجمهوريـــــــــــــــــــة
2- رئيس مجلس الشعـب (النواب حاليًّا)
3- رئيس مجلس الـوزراء
4- وزير التجارة الخارجية والصناعـــــــــــــة
5- رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات
6- رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكــــــــــــــوم التجاريــــــــــــــــــــــــة
الإجـراءات
بتاريخ السادس من فبراير سنة 2007، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بعدم دستورية نص المادة 13 مكررًا (2)، والبند (1) مكررًا من المادة (15) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 120 لسنة 1982 بإصدار قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية، الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 342 لسنة 1982، المضافين بالمادة الأولى من قرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005 في شأن تعديل بعض أحكام اللائحة سالفة البيان.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدمت الشركة المدعى عليها السادسة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وقدمت الشركة المدعية مذكرة، صممت فيها على طلباتها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وصرحت بمذكرات في أسبوع؛ فأودع المدعى عليه الخامس مذكرة، طلب فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن الشركة المدعى عليها السادسة أقامت أمام محكمة الجيزة الابتدائية الدعوى رقم 1302 لسنة 2005 تجاري كلي، ضد الشركة المدعية، وأخرى تابعة لها، والمدعى عليهما الرابع والخامس، بطلب الحكم، بصفة مستعجلة: بإلزام المدعى عليهما الرابع والخامس بعدم قيد أي وكالة أو حق توزيع جديد للغير بخصوص صفائح الحديد الكهربائي المُنتج بمعرفة الشركة المدعية أو إحدى الشركات التابعة لها، دون تقديم ما يثبت تسوية مستحقاتها محل المطالبة القضائية، سواء رضاءً أو قضاءً. وفى الموضوع: 1ــ بإلزام الشركة المدعية والشركة التابعة لها، متضامنتين، بأن تؤديا إليها مبلغًا مقداره خمسمائة ألف دولار أمريكي، أو ما يعادل هذا المبلغ بالجنيه المصري، تعويضًا عما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة، ومبلغًا مماثلًا، تعويضًا عما لحقها من أضرار أدبية، والفوائد القانونية بواقع 5٪ من تاريخ المطالبة القضائية. 2ــ بإلزام الشركة المدعية والشركة التابعة لها، متضامنتين، بأن تؤديا إليها إجمالي مبلغ العمولة المستحقة لها حتى تاريخه، والفوائد القانونية بواقع 5٪ من تاريخ المطالبة القضائية؛ وذلك على سند من أنها أبرمت بتاريخ 17/11/1999، عقد وكالة تجارية غير محدد المدة مع الشركة المدعية، بموجبه قامت الأخيرة بتعيينها وكيلًا وحيدًا لمبيعاتها بجمهورية مصر العربية، مقابل نسبة عمولة ثابتة، بقيمة 2٪ من جميع المبيعات. وبناءً على ذلك؛ قامت بتسجيل عقد الوكالة سالف البيان، وإيداعه إدارة سجل الوكلاء التجاريين. وفي غضون شهر مايو 2005، أُخطرت من الشركة المدعية بإعداد عقد وكالة جديد، يتضمن نظام عمولة مستحدثًا، يسري من تاريخ 1/7/2005. وحال إبدائها الرغبة في التفاوض بخصوص عدد من النصوص الجديدة المقترحة في مشروع العقد الجديد، قامت الشركة المدعية بإخطارها بكتابها المؤرخ 15/10/2005، بإنهاء عقد الوكالة، ليكون هذا الإنهاء ساريًا بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ هذا الإخطار، وهو ما اعترضت عليه، ووجهت إليها وإلى شركتها التابعة إنذارًا لأداء قيمة العمولة المستحقة لها، وتعويضها عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من جراء إنهاء عقد الوكالة المنوه عنه، ثم أقامت الدعوى؛ تأسيسًا على مخالفة إنهاء عقد الوكالة للقانون، باعتبار أن عقد الوكالة محل التداعي هو عقد وكالة عقود، غير محدد المدة، مما لا يجوز للموكل إنهاؤه بإرادته المنفردة دون خطأ من الوكيل، وإلا كان ملتزمًا بالتعويض، عملًا بنص الفقرة الأولى من المادة (188) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، والمادة (13) مكررًا (2) من قرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005، مما يوجب على المدعى عليهما الرابع والخامس الامتناع عن قيد أي وكالة أو حق توزيع جديد بخصوص ذات المنتج محل الوكالة دون تقديم ما يُثبت تسوية مستحقاتها، عملًا بنص البند (1) مكررًا من المادة (15) من القرار ذاته. وحال نظر الدعوى، دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية قرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005 بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون رقم 120 لسنة 1982 بإصدار قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للشركة المدعية برفع الدعوى الدستورية؛ فأقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من الشركة المدعى عليها السادسة بعدم قبول الدعوى، فيما يتعلق بنص المادة (13) مكررًا (2) من اللائحة التنفيذية للقانون المار ذكره، المضافة بقرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005؛ استنادًا إلى أن حقيقة مناعي الشركة المدعية تنصرف إلى مخالفة هذا النص للقانون، مما لا يُعد مخالفة دستورية، فإنه مردود بأن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة فى شأن دستورية النصوص القانونية مناطها مخالفة تلك النصوص لقاعدة تضمنها الدستور، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين، إلا أن ذلك لا يستطيل إلى حالة إذا ما كانت تلك المخالفة تشكل إخلالًا بأحد المبادئ الدستورية التي تختص هذه المحكمة بحمايتها والذود عنها، وبمعنى آخر: ما لم يكــــــن هــــــــذا التعارض المُدعـــــــى به منطويًا ــــ بذاته ــــ على مخالفة دستورية. متى كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد أسست دعواها الدستورية المعروضة على مخالفة النص المشار إليه لنص المـــادة (65) من دستور سنة 1971؛ لإخلاله بمبدأ سيادة القانون، بما يتضمنه مــن التــزام النص القانوني الأدنى للنص الأعلى، تطبيقًا لقاعدة تدرج التشريعات؛ ومن ثم لم تقصر الشركة المدعية مناعيها على بيان تعارض هذا النص مع أحكام وردت في نصوص تشريعية أخـــــرى، وإنما نسبت إليـــــه عوارًا دستوريًّا؛ الأمــــر الــــذى يستلــــزم أن تُجيل المحكمة الدستورية العليا بصرهــــا في ذلك العــــوار، وأن تعرضه على أحكام الدستور لتقول كلمتها بشأن مدى توافقه معها أو معارضته إياها، مما تدخل معه الدعوى المعروضة في ولاية المحكمة الدستورية العليا بشأن النص المشار إليه؛ ومن ثم فإن هذا الدفع يكون على غير أساس من الواقع والقانون، جديرًا بالرفض.
وحيث إن المادة (28) من قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1982 -قبل تعديله بالقانون رقم 21 لسنة 2022- تنص على أن تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، خلال أربعة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وتتضمن على وجه الخصوص تحديد مدة سريان القيد بحيث لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات.
كما تتضمن الجزاءات التي تترتب على مخالفة أحكامها بما لا يجاوز عقوبة الغرامة بحد أقصى مائة جنيه كما تحدد الحالات التي يجوز فيها بقرار من وزير الاقتصاد شطب القيد بالسجل المشار إليه في المادة (2) لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات.
وحيث إن المادة الأولى من قرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005، فــــي شــــأن تعديــــــــل بعض أحكام اللائحــــة التنفيذية لقانــــون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية، تنص على أن يضاف إلى اللائحة التنفيذية للقانون رقم 120 لسنة 1982 مواد جديدة بأرقام 13 مكررًا (1)، 13 مكررًا (2)، 13 مكررًا (3)، 15 بند 1 مكررًا، 30 مكررًا، نصوصها الآتية:
مادة 13 مكررًا (1) ــــ يجوز لكل من طرفي عقد الوكالة التجارية إنهاء العقد في أي وقت وفقًا للإجراءات المتفق عليها في العقد. ومع ذلك لا يستحق التعويض إلا إذا تم إنهاء العقد دون إخطار سابق أو في وقت غير مناسب. وإذا كان العقد معين المدة يستحق التعويض إلا إذا استند إنهاؤه إلى سبب جدي ومقبول.
مادة 13 مكررًا (2) ــــ لا يجوز للموكل إنهاء عقد الوكالة غير محدد المدة دون خطأ أو تقصير من الوكيل في تنفيذ العقد، وإلا كان ملزمًا بتعويضه عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله وإنهاء عقد الوكالة، ويقع باطلًا كل اتفاق يخالف ذلك.
كما يلتزم الوكيل بتعويض الموكل عن الضرر الذي أصابه إذا تنازل عن الوكالة في وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول.
مادة 13 مكررًا (3) ــــ في حالة امتناع الموكل عن تجديد عقد الوكالة محدد المدة دون خطأ أو تقصير من الوكيل أثناء تنفيذ عقد الوكالة، كان الموكل ملزمًا بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء ذلك إذا كان نشاط الوكيل قد أدى إلى نجاح ظاهر في ترويج السلعة أو زيادة عدد العملاء.
مادة 15ــــ (1) مكررًا ــــ إذا كانت الوكالة قد سبق إلغاؤها أو شطبها لانتهاء الوكالة دون تجديد أو قبل انتهاء مدته، يتعين لقيد الوكالة الجديدة تقديم ما يثبت تسوية التعويضات المستحقة سواء للموكل أو الوكيل الأول الناشئة عن عقد الوكالة وفقًا لأحكام المواد 13 مكررًا (1)، 13 مكررًا (2)، 13 مكررًا (3)، أو مضي ستين يومًا دون إخطار الوكيل الأول للهيئة بصورة من الدعوى أو طلب التحكيم المقام منه للمطالبة بتلك التعويضات.
مادة 30 (مكررًا) ــــ يجوز بقرار من وزير التجارة الخارجية والصناعة شطب قيد الوكالة بسجل الوكلاء والوسطاء التجاريين لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات عند مخالفة أحكام المواد 13 مكررًا (2)، 13 مكررًا (3)، 15 بند (1) مكررًا.
ويعاقب كل من يخالف أحكام المواد المنصوص عليها في هذا القرار بغرامة لا تزيد على مائة جنيه.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة -وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثرًا فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع، وأن نطاق الدعوى الدستورية وإن تحدد أصلًا بالنصوص القانونية التي تعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، فإن هذا النطاق يتسع كذلك لتلك النصوص التي أُضير المدعي من جراء تطبيقها عليه
-ولو لم يتضمنها الدفع- إذا كان فصلها عن النصوص التي اشتمل الدفع عليها متعذرًا وكان ضمها إليها كافلًا الأغراض التي توخاها المدعي بدعواه الدستورية، فلا تحمل إلا على مقاصده، ولا تتحقق مصلحته الشخصية والمباشرة بعيدة عنها.
متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع يدور حول مطالبة الشركة المدعى عليها السادسة بإلزام الشركة المدعية بتعويضها عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها من جراء إنهاء عقد الوكالة غير محدد المدة موضوع النزاع، فضلًا عن مبلغ العمولة المستحقة لها، والفوائد القانونية، وإلزام الجهة الإدارية المختصة بعـــدم قيـــد أي وكالـــة أو حـــق توزيع جــديد للغير بخصوص مُنتــج الشركة المـدعية، دون تقــديم ما يثبت تسـوية مستحقـاتها محل المطـالبة القضائية، وكان نص الفقرة الأولى من المادة (13) مكررًا (2) – المطعون فيه – قد انتظم حالات استحقاق الوكيل للتعويض عند إنهاء الموكل لعقد الوكالة غير محدد المدة، وهو النص الذي جاء طليقًا من إسناده إلى نوع بذاته من نوعي الوكالة التجارية، سواءً وكالة بالعمولة، أو وكالة عقود، وحظر نص البند (1) مكررًا من المادة (15) قيد أي وكالة جديدة قبل تسوية التعويضات المستحقة سواء للموكل أو الوكيل الأول؛ ومن ثم فإن القضاء في دستورية هذين النصين يكون له أثره المباشر وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتتوافر في شأنهما المصلحة، ويتحدد بهما نطاق الدعوى المعروضة، الذي يمتد إلى سائر النصوص المضافة بالمادة الأولى من قرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005 سالف البيان، التي تشكل في مجموعها تنظيمًا قانونيًّا مستحدثًا عن أحوال إنهاء الوكالة التجارية دون تخصيصها بنوع معين منها، وأحكام استحقاق التعويض عن هذا الإنهاء لطرفي الوكالة؛ لتُواجه الشركة المدعية بهذا التنظيم القانوني المنطبق بكل مفرداته على وقائع الدعوى الموضوعية ، أيًّا كانت طبيعة العقد محل تلك الدعوى؛ بما يضحى معه الدفع بعدم قبول الدعوى المعروضة، في جميع أوجهه، مفتقدًا سنده متعينًا رفضه.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص القانونية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية؛ ذلك أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية هي من مقوماتها، لا تقوم إلا بها، ولا يكتمل بنيانها أصلًا في غيابها؛ ومن ثم تفقد بتخلفها وجودها كقاعدة قانونية تتوافــــر لهــــا خاصية الإلزام، ولا كذلك عيوبها الموضوعية؛ إذ يفترض بحثها – ومناطها مخالفة النصوص القانونية المطعون عليها لقاعدة في الدستور من زاوية محتواها أو مضمونها – أن تكــــــون هــــــذه النصوص مستوفية لأوضاعهــــــا الشكلية؛ ذلك أن المطاعــــــن الشكلية -وبالنظر إلى طبيعتها-
لا يتصور أن يكون تحريها وقوفًا على حقيقتها، تاليًا للنظر في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على المحكمة الدستورية العليا أن تتقصاها
-من تلقاء نفسها- بلوغًا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها منحصرًا في المطاعن الموضوعية دون سواها، منصرفًا إليها وحدها.
وحيث إن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية -سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها- إنما تتحدد في ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها؛ ومن ثم فإن التحقق من استيفاء الأوضاع الشكلية لقرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005 في شأن تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية، -الذي عُمل به في 13 أبريل سنة 2005 اليوم التالي لتاريخ نشره- يتعين أن يجري على ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 1971، المعمول به في تاريخ صدوره، وتكون هي الواجبة التطبيق في الدعوى المعروضة.
وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في اللوائح التنفيذية التي تصدر وفقًا لنص المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971، أنها تفصِّل ما ورد إجمالًا في نصوص القانون بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وأن الغرض من صدور اللائحة التنفيذية للقانون يتعين أن ينحصر في إتمام القانون، أي وضع القواعد والتفاصيل اللازمة لتنفيذه مع الإبقاء على حدوده الأصلية بلا أدنى مساس، ودون أن تنطوي على تعديل أو إلغاء لأحكامه، أو أن تضيف إليه أحكامًا تبعده عن روح التشريع، فيجاوز بذلك مُصدرها الاختصاص الدستوري المخول له، متعديًا على السلطة التشريعية. كما أن
من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسًا على إعمال القوانين وتنفيذها، غير أنه استثناءً من هذا الأصل، وتحقيقًا لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها، في حالات محددة، بأعمال تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، من ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة (144) مارة الذكر على أن يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها، ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه؛ ومن ثم لا يدخل في اختصاصها ذلك توليها ابتداء تنظيم مسائل خلا القانون من بيان الإطار العام الذى يحكمها، وإلا كان ذلك تشريعًا لأحكام جديدة لا يمكن إسنادها إلى القانون، وليست تفصيلًا لأحكام أوردها المشرع في القانون إجمالًا، بما يخرج اللائحة ــــ عندئذ ــــ عن الحدود التي عينها الدستور.
وحيث إن المشرع في الفقرة الأولى من المادة (28) من قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية، الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1982 -قبل تعديله بالقانون رقم 21 لسنة 2022- قد فوض وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سلطة إصدار قرار باللائحة التنفيذية لهذا القانون، على أن تتضمن على وجه الخصوص تحديد مدة سريان القيد بحيث لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات.
وحيث إن البين من استقراء مواد القانون المار ذكره، أنه قد خلا بالكلية من أية أحكام تنظم الوكالات التجارية من الناحية الموضوعية، ولم يوسد إلى اللائحة التنفيذية -التي فُوّض وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سلطة إصدارها- سوى تحديد الإجراءات والمستندات الخاصة بالقيد والتجديد والتعديل والمبالغ التي تؤدى عنها، على ما جرى به نص المادة (5) من القانون ذاته، ليكشف عن نطاق هذا التفويض، الأمر الذي تأكد بما سطرته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون حين أظهرت دواعي إصداره، بأنه نظرًا لعدم كفاية التنظيم الجزئي لأعمال الوكالة التجارية – قبل تنظيمها موضوعيًّا بموجب قانون التجارة – وضمانًا لسلامة المعاملات التي يقوم بها الوكلاء التجاريون وجدية التزامات الشركات التي يمثلونها، فضلًا عن ضرورة تنظيم نشاط مقارب أو مكمل لأعمال الوكالة التجارية، هو نشاط الوساطة التجارية؛ ومن ثم فقد أُعد هذا القانون بما يضمن تحقيق الأغراض التي ترمي إليها سياسة الانفتاح الاقتصادي من ناحية، مع إرساء قواعد مهنة من أهم المهن التجارية، ليضحى قانونًا لتنظيم الاشتغال بمهن الوكيل أو الوسيط التجاري، الأمر الذي أكده لاحقًا نص المادة (165) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17لسنة 1999، الذى أحال، فيما يتعلق بتنظيم الاشتغال بأعمال الوكالة التجارية في مصر، إلى القوانين والقرارات الخاصة بذلك، على النحو الذي سايرته اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 342 لسنة 1982، فكانت جُل أحكامها عن القيد في سجل الوكلاء والوسطاء التجاريين دون الخوض في أحكام موضوعية، على ما جاءت به النصوص المضافة إلى تلك اللائحة بالمادة الأولى من قرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005، وما ارتبط بها من أحكام إجرائية لا مجال لإعمالها إلا في نطاقها.
متى كان ما تقدم، وكان البين من النصوص المضافة بالمادة الأولى من قرار وزير التجارة الخارجية والصناعة سالف الذكر، أنها استحدثت أحكامًا جديدة، تضافرت على معنى واحد، هو الخروج عن حدود التفويض الممنوح لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، مما لازمه أن تكون تلك النصوص قد صدرت مجاوزة لحدود التفويض الممنوح للوزير المختص؛ إذ إنها لم تُفصل أحكامًا أوردها المشرع إجمالًا في قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1982، وإنما استحدثت أحكامًا جديدة لا يمكن إسنادها إلى هذا القانون، وخرجت عن الحدود التي رسمتها المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971 للوائح التنفيذية؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستوريتها.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة:
أولًا: بعدم دستورية المادة الأولى من قرار وزير التجارة الخارجية والصناعة رقم 362 لسنة 2005 في شأن تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1982.
ثانيًا: بإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة
 
				



